خاطرة الفن والسياسة
عشنا وما زلنا نعيش أياما استثنائية وعصيبة ضمن الظروف الراهنة للأحداث والمجازر في فلسطين وغزة. يحيطنا الاضطراب مسحوبا الحزن او القهر او الغضب من الصور والأنباء المفجعة. بالتزامن مع الحركة الفنية التي أيضا شهدت تحركا محليا بسيطا
من الطبيعي للفنان ان يعبّر عن احساسة بادواته وفنه، ولكن الملفت في الموضوع ان البعض يقومون بترويج وتسويق فنهم وإنشاء منصات مزادات استغلالا لما يجري من الاحداث لكسب تعاطف الأصدقاء
على الصعيد الشخصي، لدي مخاوف أخلاقية حول استغلال اي قضية او حالة سياسية او اجتماعية في المقام الأول كأداة للدعاية عن المنتج الفني او لسيرة الفنان. أعتقد أن مثل هذا التعبير، أحيانا يفقد مصداقيته، ويصبح اداة لخدمة أجندة بدلا من تقديم تعبير فني صادق، لا تعميم، لكن اعني بالاستغلال هنا هو عندما يتم تسويق العمل ذات جودة متدنية على حساب التعبير عن التضامن مع الحالة
هلّ من المبرر ان يكون العمل الفني متدني في جودته إذا كان ذو فعالية في إيصال رسالة سياسية؟ أحيانا البعض يقول بأنه إذا كانت الرسالة قوية ومهمة، فإنه لا ضرر من ان جودة الفن تصبح أقل أهمية، بينما يصرّ آخرون على أن الفن يجب أن يسعى جاهدا لتحقيق التميّز التكويني والبناء والإتقان والمحتوى الهادف معا، وأنا شخصيا اتفق مع الاخير
على الرغم من وجود نزاع قوي في الساحة الفنية لإبراز هوية الفنانين واستقطاب الجماهير ولفت الأنظار، فإن استخدام الفن لرفع وعي الجمهور في القضايا السياسية او الاجتماعية يمكن أن يكون نهجا صالحا وفعالا. ولكن دون المساس بجودة الأعمال الفنية. بالإضافة إلى أنه بمجرد إطلاق العمل الفني في الساحة الحُرّة، يتم الحُكم عليه بتجرّد، بعيدا عن نيّات الفنان
بالتأكيد يجب أن يتمتع الفنانون بحرية التعبير عن آرائهم السياسية والتعامل مع الموضوعات الساخنة، ولكن ايضا من المتوقع أن يكون التعبير بمستوى عالي من الأصولية والإبداع والإتقان في الإنشاء والبناء التكويني او اللوني وبجودة عالية
إن كُنتُ سأقتني عملا فنيا بهدف التبرع الخيري أو لدعم غزة، أو أي برنامج آخر، فلابد ان يكون عملا فنيا اعتز به ولا املّ من التمعّن فيه إلى الأبد، دون المساومة على جودته. إذا لم يكن الأمر كذلك، فمن الأفضل التبرع بقيمة العمل إلى المنظمة الخيرية مباشرة
اردا اصلانيان، آب ٢٠٢٤